فصل: شروط الموكل:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فقه السنة



.ثالثا: أن يخرج المشفوع فيه من ملك صاحبه بعوض مالي:

بأن يكون مبيعا أو يكون في معنى المبيع، كصلح عن إقرار بمال، أو عن جناية توجبه أو هبة ببيع بعوض معلوم لأنه بيع في الحقيقة.
فلاشفعة فيما انتقل عنه ملكه بغير بيع كمر هوب بغير عوض وموصى به وموروث.
وفي بداية المجتهد: واختلف في الشفعة في المساقاة، وهي تبديل أرض بأرض، فعن مالك في ذلك ثلاث روايات: الجواز والمنع والثالث أن تكون المناقلة بين الاشراك أو الاجانب، فلم يرها في الاشراك ورآها في الاجانب.

.رابعا: أن يطلب الشفيع على الفور:

أي أن الشفيع إذا علم بالبيع فإنه يجب عليه أن يطلب الشفعة حين يعلم متى كان ذلك ممكنا، فإن علم ثم أخر الطلب من غير عذر سقط حقه فيها.
والسبب في ذلك أنه لو لم يطلبها الشفيع على الفور وبقي حقه في الطلب متراخيا لكان في ذلك ضرر بالمشتري، لأن ملكه لا يستقر في المبيع ولا يتمكن من التصرف فيه بالعمارة خوفا من ضياع جهده وأخذه بالشفعة.
وإلى هذا ذهب أبو حنيفة، وهو الراجح من مذهب الشافعي وإحدى الروايات عن أحمد، وهذا ما لم يكن الشفيع غائبا، أو لم يعلم بالمبيع، أو كان يجهل الحكم.
فإن كان غائبا أو لم يعلم بالبيع أو كان يجهل أن تأخير الطلب يسقط الشفعة فإنها لا تسقط.
ويرى ابن حزم وغيره أن الشفعة تثبت حقا له بإيجاب الله فلا تسقط بترك الطلب ولو ثمانين سنة أو أكثر، إلا إذا أسقطه بنفسه.
ويرى أن القول بأن الشفعة لمن واثبها لفظ فاسد، لا يحل أن يضاف مثله إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم.
وقال مالك: لا تجب على الفور بل وقت وجوبها متسع.
قال ابن رشد: واختلف قوله في هذا الوقت، هل هو محدود أم لا؟ فمرة قال: هو غير محدود، وإنها لا تنقطع أبدا إلا أن يحدث المبتاع بناء أو تغيرا كثيرا بمعرفته وهو حاضر عالم ساكت.
ومرة حدد هذا الوقت، فروي عنه السنة، وهو الاشهر، وقيل أكثر من سنة.
وقد قيل عنه: إن الخمسة أعوام لا تنقطع فيها الشفعة.

.خامسا: أن يدفع الشفيع للمشتري قدر الثمن:

الذي وقع عليه العقد فيأخذ الشفيع الشفعة بمثل الثمن إن كان مثليا أو بقيمته إن كان متقوما.
ففي حديث جابر مرفوعا «هو أحق به بالثمن» رواه الجوزجاني.
فإن عجز عن دفع الثمن كله سقطت الشفعة.
ويرى مالك والحنابلة أن الثمن إذا كان مؤجلا كله أو بعضه فإن للشفيع تأجيله أو دفعه منجما مقسطا حسب المنصوص عليه في العقد، بشرط أن يكون موسرا أو يجئ بضامن له موسر، وإلا وجب أن يدفع الثمن حالا رعاية للمشتري.
والشافعي والأحناف يرون أن الشفيع مخير، فإن عجل تعجلت الشفعة، وإلا تتاخر إلى وقت الاجل.

.سادسا: أن يأخذ الشفيع جميع الصفقة:

فإن طلب الشفيع أخذ البعض سقط حقه في الكل.
وإذا كانت الشفعة بين أكثر من شفيع فتركها بعضهم فليس للباقي إلا أخذ الجميع حتى لا تتفرق الصفقة على المشتري.

.الشفعة بين الشفعاء:

إذا كانت الشفعة بين أكثر من شفيع وهم أصحاب سهام متفاوتة فإن كل واحد منهم يأخذ من المبيع بقدر سهمه عند مالك، والاصح من قولي الشافعي وأحمد، لأنها حق يستفاد بسبب الملك فكانت على قدر الأملاك.
وقال الأحناف وابن حزم: إنها على عدد الرؤوس لاستوائهم جميعا في سبب استحقاقها.

.وراثة الشفعة:

يرى مالك والشافعي أي الشفعة تورث ولا تبطل بالموت، فإذا أوجبت له الشفعة فمات ولم يعلم بها، أو علم بها ومات قبل التمكن من الاخذ انتقل الحق إلى الوارث قياسا على الأموال.
وقال أحمد: لا تورث إلا أن يكون الميت طالب بها.
وقالت الأحناف: إن هذا الحق لا يورث كما أنه لا يباع وإن كان الميت طالب بالشفعة إلا أن يكون الحاكم حكم له بها ثم مات.

.تصرف المشتري:

تصرف المشتري في المبيع قبل أخذ الشفيع بالشفعة صحيح لأنه تصرف في ملكه، فإن باعه فللشفيع أخذه بأحد البيعين.
وإن وهبه أو وقفه أو تصدق به أو جعله صداقا ونحوه فلا شفعة، لأن فيه إضرارا بالمأخوذ منه لأن ملكه يزول عنه بغير عوض والضرر لا يزال بالضرر، أما تصرف المشتري بعد أخذ الشفيع بالشفعة فهو باطل، لانتقال الملك للشفيع بالطلب.

.المشتري يبني قبل الاستحقاق بالشفعة:

إذا بنى المشتري أو غرس في الجزء المشفوع فيه قبل قيام الشفعة ثم استحق عليه بالشفعة.
فقال الشافعي وأبو حنيفة: للشفيع أن يعطيه قيمة البناء منقوضا، وكذلك قيمة العرش مقلوعا أو يكلفه بنقضه.
وقال مالك: لاشفعة إلا أن يعطى المشتري قيمة ما بنى وما غرس.
المصالحة عن إسقاط الشفعة: إذا صالح عن حقه في الشفعة أو باعه من المشتري كان عمله باطلا ومسقطا لحقه في الشفعة، وعليه رد ما أخذه عوضا عنه من المشتري. وهذا عند الشافعي.
وعند الائمة الثلاثة يجوز له ذلك، وله أن يتملك ما بذله له المشتري.

.الوكالة:

.تعريفها:

الوكالة: معناها التفويض، تقول: وكلت أمري إلى الله، أي فوضته إليه - وتطلق على الحفظ، ومنه قول الله سبحانه: {حسبنا الله ونعم الوكيل}.
والمراد بها هنا استنابة الإنسان غيره فيما يقبل النيابة.

.مشروعيتها:

وقد شرعها الإسلام للحاجة إليها، فليس كل إنسان قادرا على مباشرة أموره بنفسه فيحتاج إلى توكيل غيره ليقوم بها بالنيابة عنه، جاء في القرآن الكريم قول الله سبحانه في قصة أهل الكهف: {وكذلك بعثناهم ليتساءلوا بينهم قال قائل منهم كم لبثتم قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم قالوا ربكم أعلم بما لبثتم فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة فلينظر أيها أزكى طعاما فليأتكم برزق منه وليتلطف ولا يشعرن بكم أحدا}.
وذكر الله عن يوسف أنه قال للملك: {اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم}.
وجاءت الأحاديث الكثيرة تفيد جواز الوكالة، منها أنه، صلى الله عليه وسلم، وكل أبا رافع ورجلا من الانصار فزوجاه ميمونة رضي الله عنها - وثبت عنه، صلى الله عليه وسلم، التوكيل في قضاء الدين، والتوكيل في إثبات الحدود واستيفائها، والتوكيل في القيام على بدنه وتقسيم جلالها وجلودها، وغير ذلك.
وأجمع المسلمون على جوازها بل على استحبابها، لأنها نوع من التعاون على البر والتقوى الذي دعا إليه القرآن الكريم وحببت فيه السنة، يقول الله سبحانه: {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان}.
ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «والله في عون العبد ماكان العبد في عون أخيه».
وقد حكى صاحب البحر الاجماع على كونها مشروعة.
وفي كونها نيابة أو ولاية وجهان: فقيل: نيابة، لتحريم المخالفة، وقيل: ولاية لجواز المخالفة إلى الاصلح، كالبيع بمعجل وقد أمر بمؤجل.

.أركانها:

الوكالة عقد من العقود، فلا تصح إلا باستيفاء أركانها من الايجاب والقبول، ولا يشترط فيهما لفظ معين بل تصح بكل ما يدل عليهما من القول أو الفعل.
ولكل واحد من المتعاقدين أن يرجع في الوكالة ويفسخ العقد في أي حال لأنها من العقود الجائزة أي غير اللازمة.

.التنجيز والتعليق:

وعقد الوكالة يصح منجزا ومعلقا ومضافا إلى المستقبل كما يصح مؤقتا بوقت، أو بعمل معين، فالمنجز مثل: وكلتك في شراء كذا.
والتعليق مثل: إن تم كذا فأنت وكيلي، والاضافة إلى المستقبل مثل: إن جاء شهر رمضان فقد وكلتك عني، والتوقيت مثل: وكلتك مدة سنة أو لتعمل كذا.
وهذا مذهب الحنفية والحنابلة، ورأى الشافعية أنه لا يجوز تعليقها بالشرط.
والوكالة قد تكون تبرعا من الوكيل وقد تكون بأجر لأنه تصرف لغيره لا يلزمه فجاز أخذ العوض عليه، وحينئذ للموكل أن يشترط عليه أن لا يخرج نفسه منها إلا بعد أجل محدود وإلا كان عليه التعويض.
وإن نص في العقد على أجرة للوكيل اعتبر أجيرا وسرت عليه أحكام الاجير.

.شروطها:

والوكالة لا تصح إلا إذا استكملت شروطها، وهذه الشروط منها شروط خاصة بالموكل ومنها شروط خاصة بالوكيل، ومنها شروط خاصة بالموكل فيه، أي محل الوكالة.

.شروط الموكل:

ويشترط في الموكل أن يكون مالكا للتصرف فيما يوكل فيه، فإن لم يكن مالكا للتصرف فلا يصح توكيله: كالمجنون والصبي غير المميز، فإنه لا يصح أن يوكل واحد منهما غيره، لأن كلا منهما فاقد الأهلية، فلا يملك التصرف ابتداء.
أما الصبي المميز فإنه يصح توكيله في التصرفات النافعة له نفعا محضا، مثل التوكيل بقبول الهبة والصدقة والوصية.
فإن كانت التصرفات ضارة به ضررا محضا مثل الطلاق والهبة والصدقة فإن توكيله لا يصح.

.شروط الوكيل:

ويشترط في الوكيل أن يكون عاقلا، فلو كان مجنونا أو معتوها أو صبيا غير مميز فإنه لا يصح توكيله.
أما الصبي المميز فإنه يجوز توكيله عند الأحناف لأنه مثل البالغ في الاحاطة بأمور الدنيا، ولان عمرو ابن السيدة أم سلمة زوج أمه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان صبيا لم يبلغ الحلم بعد.